أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن أقدم تقويم عرفته البشرية هو التقويم المصرى القديم "التحوتى المقدس" والذى بدأ كما
ورد فى قوائم المؤرخ المصرى القديم مانيتون فى العام الأول من حكم الملك حور عما (أثوتيس) إبن الملك مينا ويقابل عام 5557 ق.م.
وقال فى تصريح له الاربعاء إن بداية العام التحوتى أى عيد رأس السنة توافق يوم التاسع عشر من شهر يوليو فى التقويم الميلادى الحالى، مشيرا الى أن احتفال المصريين بذلك العيد الذى بدأ من عام 7523ق.م كان يعد أول عيد عرفته البشرية وأقدم مظهر من مظاهر حضارة المجتمع الإنسانى وذلك طبقا لما جاء فى كتاب الدكتور سيد كريم " لغز الحضارة المصرية ".
وأضاف أن هذا العيد انتقل من مصر إلى حضارات الشرق خلال الدولتين القديمة والوسطى مع فتوحات الغزو المتبادل كما انتقل عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا عندما أهدت كليوباترا تقويم مصر الشمسى إلى يوليوس قيصر وكلفت العالم المصرى سوسيجين بجامعة الإسكندرية بنقل التقويم المصرى للرومان ليحل محل تقويمهم القمرى وأطلقوا عليه اسم التقويم القيصرى.
واوضح ان روما وبلاد أوروبا عملت بهذا التقويم عدة قرون حتى قام البابا جريجورى الثالث بتعديله عام 1852م وهو التقويم العالمى الحالى وهو فى جوهره عمل مصرى منحه المصريون القدماء لكل البشرية كما انتقلت مع التقويم تقاليد الاحتفال برأس السنة.
وتابع ريحان أن الاحتفال فى عصر الدولة القديمة اتخذ مظهرا دينيا حيث يبدأ بنحر الذبائح كقرابين للمعبودات وتوزع لحومها على الفقراء وكان بعضها يقدم للمعابد ليقوم الكهنة بتوزيعها بمعرفتهم وكان سعف النخيل من أهم النباتات المميزة لعيد رأس السنة حيث يرمز لبداية العام لأنه يعبر عن الحياة المتجددة كما أنه يخرج من قلب الشجرة ، لافتا الى أن مظاهر الاحتفال كانت تتضمن ايضا صناعة الكعك والفطائر والتى انتقلت بدورها من عيد رأس السنة لمختلف الأعياد وأصبح لكل عيد نوع معين منها وكانت تزين الفطائر بالنقوش .
واشار الى ان عيد رأس السنة فى الدولة الحديثة قد اتخذ مظهرا دنيويا ليتحول لعيد شعبى له أفراحه ومباهجه وكان يخرج المصريون للحدائق والمتنزهات والحقول يستمتعون بالورود والرياحين تاركين وراءهم متاعب حياة العام الماضى وهمومه فى أيام النسئ أو الأيام الخمسة المنسية من العام ومن الحياة، وكانوا يقضون اليوم الأول فى " المدافن " لإحياء ذكرى موتاهم ويقدمون القرابين للمعبودات فى نفس اليوم ثم يقضون بقية الأيام فى الاحتفال بالعيد بإقامة الحفلات ومختلف الألعاب والمسابقات ووسائل الترفيه.
وقال إن الأكلات المفضلة فى عيد رأس سنة كانت بط الصيد والأوز الذى يشوى فى المزارع والأسماك المجففة، وكان يتم الاحتفال بعقد القران مع الاحتفال برأس السنة خاصة فى الدولة الحديثة حتى تكون بداية العام بداية زوجية سعيدة, مشيرا الى انه من التقاليد الإنسانية التى سنها قدماء المصريين خلال أيام النسئ أن ينسى الناس خلافاتهم وضغائنهم ومنازعاتهم وتقام مجالس الصلح بين العائلات المتخاصمة وتحل كثير من المشاكل بالصفح وتناسى الضغائن ليبدأ عيد رأس السنة بالصفاء والإخاء والمودة بين الناس .
واضاف انه كان يصاحب العيد عرضا للزهور ابتدعته كليوباترا ليكون أحد مظاهر العيد عندما تصادف الاحتفال بجلوسها على العرش مع عيد رأس السنة وعند دخول الفرس مصر احتفلوا مع المصريين بعيد رأس السنة وأطلقوا عليه عيد النيروز أو النوروز وتعنى بالفارسية اليوم الجديد .
وأوضح ان احتفال المسيحيين بعيد رأس السنة قد استمر بعد دخول المسيحية إلى مصر ، وفى العصر الإسلامى استمر الاحتفال به كعيد قومى حتى العصر الفاطمى ثم أصبح حديثا حتفالا عالميا مدنيا لا علاقة له بأى دين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق